تعتبر مدرسة الاستشراق الفرنسية من أبرز المدارس التي اهتمت بتاريخ الإسلام والمسلمين، بحكم طبيعة العلاقة بينهما، خاصة بعد الفتوحات التي قام بها المسلمون في أوروبا ووصولهم بالقرب عاصمتهم باريس أثناء عبور المسلمين للأندلس. ونتيجة لهذا الاحتكاك بين الحضارتين، اهتم المستشرقون الفرنسيون بدراسة حضارة المسلمين ولغتهم. وكان من المثير للاهتمام التعرف على تلك الحضارة التي وصلت إلى عمق أوروبا ناشرة ثقافتها بينهم، وهنا نجد مدرستين مختلفتين بعضها معجب بالحضارة الإسلامية ويمثلها بعض المستشرقين ومنهم غوستاف لوبون الذي اعتبر الحضارة الإسلامية حضارة أخلاقية، ذات معارف متنوعة ومتعددة، وهذا ما ذكره في كتابه حضارة العرب وفيه أوضح الدور العميق للحضارة الإسلامية وإسهاماتها المتعددة في جميع مجالات الحياة علمياً وخلقياً وروحياً، وامتد هذا التأثير الحضاري للغرب الذي كان سبباً لنهضة أوروبا وتحضرها في الوقت الحاضر، وهناك مجموعة من المؤرخين انتقدوا الحضارة الإسلامية وأنكروا فضلها كآرنست رينان، الذي وجه غضبه على المسلمين واعتبرهم ليسوا بمبتكرين للحضارة، وأن حضارتهم صنع أقوام أخرى، كما اعتبر الساميين متدينين ولكنهم غير متسامحين، ووصفهم بالأنانية، إلى جانب وصف اللغة العربية بأنها تصلح للشعر فقط، ولا تصلح للعلم، إضافة إلى اعتباره أن العقل العربي أبعد العقول عن الفلسفة. هذه الاختلافات بين هذين المستشرقين ألهمت الباحثة لاختيار البحث وذلك للتعرف على هذين المؤرخين وكيفية تعاملهما مع الحضارة الإسلامية في كتاباتهما، ورؤية كل منهما للحضارة الإسلامية من خلال بعض الأمثلة، وسيكون هذا البحث محاولة للرد على بعض هذه المقترحات التي تناولها كل منهما، استخدمت الباحثة المنهج الوصفي التحليلي، ونتيجة لذلك فقد اتضح من خلال البحث أن هناك إشكالية في الطرح لدى هذين المستشرقين و انحيازهما للحضارة الغربية واعتمادهما على تراكمات معرفية مسبقة عن المسلمين، وإن وجدنا بأن لوبون كان منصفاً للحضارة الإسلامية في بعض جوانبها وخاصة في تناوله الفتوحات الإسلامية في الأندلس وتسامحهم مع سكانها، وغزارة الإنتاج المعرفي للمسلمين فيها، أما أرنست رينان فقد حذا حذو كثير من الغربيين الذين كانوا مناهضين للإسلام.
Field : Eğitim Bilimleri; Filoloji; Güzel Sanatlar; Sosyal, Beşeri ve İdari Bilimler
Journal Type : Uluslararası
Relevant Articles | Author | # |
---|
Article | Author | # |
---|